مدونة عايشة عن مؤتمر "إيدج فندرز"-ترجمة رشا صنصور

مدونة عايشة عن مؤتمر "إيدج فندرز"-ترجمة رشا صنصور

العطاء يحتاج إلى المجتمع

في آخر وأحدث مؤتمر لتحالف "إيدج فندرز" في برشلونة، ناقش الأعضاء والمشاركون عن الحاجة الماسة لدمقرطة الاقتصاد، أي شمل الشعب في القرارات الاقتصادية التي تهمهم، بالإضافة إلى دمقرطة العطاء التقليدي من أجل تغيير القوى وإعادة توزيع المصادر بأيدي الشعب.

وبناء على المناقشات، يبدو أن هناك إجماعا عاما على مفهوم إضفاء الطابع الديمقراطي على عالم العطاء -ولكن كيف يمكننا المضي قدما في هذا؟ سيما أن ثلاثة أيام للمؤتمر لم تكن كافية للدخول في هذه التفاصيل ووضع الخطوات العملية نحو تحقيق هذا الهدف.

لذلك أقترح استخدام نموذج العطاء المجتمعي* الذي أعتبره أسلوبا ناجحا في عالم العطاء.

على عكس العطاء التقليدي والذي في بعض الأحيان لا يخدم مصلحة المجتمع بأكمله إنما مصلحة المانح (للعطاء)، العطاء المجتمعي يأتي من المجتمع لخدمته وتنميته الإيجابية.

في هذا العطاء المجتمعي، يقوم المجتمع بضم الممولين جنبا إلى جنب قادة الحركة والناشطين المجتمعيين، حيث يكون الجميع لاعبين متساوين من غير جهات مانحة ومستفيدة التي تتطلب علاقات رسمية واختلاف في القوة. بدلا من ذلك، في نموذج العطاء المجتمعي، كل لاعب لديه الموارد (المالية وغير المالية) لدعم تطوير مجتمعه وتحقيق تغيير ملموس على أرض الواقع.

من أجل تحقيق التغيير الذي نسعاه، يجب على المجتمع والممولين الاتحاد من أجل توظيف جميع مواردهم المادية وغير المادية مثل الخبرات والمهارات، والوقت، وغيرها، ووضع استراتيجية للمدى الطويل.

وقبل المضي قدما، يجب علينا فعلا فهم ما يعني دمقرطة العطاء لجميع اللاعبين. فهل يسعى جميعهم إلى إصلاح وتغيير النظام الاقتصادي الاستغلالي الحالي من أجل نظام اقتصادي ديمقراطي جديد وعادل؟ أم ما زال بعضهم يريدون إبقاء هذا النظام الاقتصادي الاستغلالي لكن تحت "قناع" التغيير من دون تغيير فعلي؟ الخطوة الأولى، إذن، هي تحديد مفهوم العطاء الديمقراطي ووضع استراتيجية شاملة لتحقيق ذلك.

وفي نموذج العطاء التقليدي الحالي، يقوم الممولون بتوزيع منح صغيرة قصيرة الأمد على الحركات المجتمعية، والتي تقدم حلول مجزأة ومؤقتة. ومع ذلك، أعرب المشاركون في المؤتمر عن أهمية العمل بشكل أكثر فعالية.

في هذا الحال، تغيير النموذج الحالي للعطاء ضروري. إضفاء الطابع الديموقراطي على العطاء يجب أن يؤدي إلى سيطرة المجتمع (الشعب) على مواردهم من أجل تغيير عادل. من أجل ضمان إعادة تغيير القوى، نموذج العطاء المجتمعي هو النموذج الأنجع. والسؤال هو ما إذا كان الممولون، وربما حتى قادة الحركات المجتمعية على استعداد لإحداث ثورة في ديناميات السلطة والقوة.

 


*العطاء المجتمعي: هو عطاء يقدمه المجتمع من نفسه لخدمة تنميته وإحداث فرق إيجابي اجتماعي. ويشمل العطاء هذا موارد محلية مختلفة (المال، المساحات، الخبرات، التقنيات، المهارات وغيرها) تُقدم لإفادة وتطوير المجتمع وإحداث تغيير إيجابي. ومن الأمثلة لهذا العطاء، العونة وهو نظام العطاء التقليدي المجتمعي الفلسطيني.