بقلم سجى الشامي-مسؤولة برامج مجتمعية
في الرابع من مارس آذار من العام الماضي كنا في قرية المغير نجتمع مع المجموعات الشبابية في غرفة صغيرة في القرية والتي تحولت لمكتبة بعد أن تم تنفيذ برنامج يال إبدأ في المغير. ثم التقطنا بعض الصور أشجار اللوز المثمرة بأزهارها البيضاء على قارعة الطريق. لم نكن ندرك آنذاك أن ذاك اليوم سيشكل تاريخا مفصليا تغيرت فيه أشياء كثيرة. بل بالأحرى لم يعد أي شيء لسابق عهده. حالة احباط كبير تخبط فيها الجو العام ممزوجة بالخوف من الوباء الغريب، وأيضا الحيرة من ماذا بعد! ماذا بعد ذلك؟ متى سينتهي كل هذا؟ "بكرة بيخلص هالكابوس وبدل الشمس بتضوي شموس" الجملة التي اكتسحت مواقع التواصل االجتماعي. محاولة إحياء بعض الأمل في النفوس. أحيانا كثيرة كان العيش بهذه العتمة أفضل بكثير من انتظار الشمس التي لم يكن ليبدو انها ستشرق. لكن مسؤوليتنا لم تتوقف كمؤسسة في محاولة الثبات، ولا نملك رفاهية الاستسلام للوضع، وإنما الاستمرار بتقديم خدماتها ومحاولة التأقلم رغم كل شيء ومنها كان برنامج يال إبدأ الشبابي.
كان ال بد من استخدام الطرق الأنسب للعمل. لم يكن العمل سهال، واجهنا تحديات كثيرة لكن بالنهاية استطعنا أن ننجز المهمة: إطالق برنامج يال إبدأ، الوصول لفئات شبابية جديدة، بلورة الأفكار المناسبة لتلبية حاجات مجتمعية، عقد أيام تصويت، تقديم دعم تقني، دعم مادي، ومن ثم تنفيذ هذه المبادرات. وأخيرا فتح المجال لهم لعرض منتجاتهم في سوق صغير في أرجاء الدالية. هذه الانسيابية في السرد على الورق كانت تتخبط بكثير من التحديات أثناء التنفيذ. فكل شيء غالبا مغلق، الحالة الاقتصادية تتدهور والقدرة الشرائية لم تعد كما في السابق.
ولكن وكما هي الطبيعة فإنه ال بد من قطف نتيجة المحاولة. في الضفة وغزة أحد عشر مبادرة رأت النور، تكاتف كل الجهود: من الداعمين مؤسسة دروسوس والشركاء كمؤسسة رواد التنمية، جمعية الشابات المسيحية، جمعية نوى وغيرهم. يتخطى أثر البرنامج هذه الأحد عشر مبادرة. في الرحلة تبدأ بأشخاص وتنتهي بروح معنوية جديدة عندهم. تتحطم فيها العوائق أمام قدراتهم، ثقتهم بأنفسهم، والمهارات المكتسبة.
خوض التجربة يعتبر أفضل معلم لصقل القدرات المختلفة لديهم. وما نراه بعد البرنامج من إقبال الشباب، بشكل أكبر للمشاركة، بعد الفرحة بالإنجاز، وانطلق المبادرات المختلفة، بما ال يقتصر على المعتمد على المنح وإنما بتدبير من الشباب المبادرين، الذين يسعون لخوض التجربة مرة أخرى مسلحين بما طوروه من مهارات مختلفة أغنتهم وفتحت الطريق أمامهم في خضم جميع هذه التحديات.
رغم كل شيء السعي للتأقلم في كل وضع هو مهارة اكتسبها الفلسطيني وسيلة للصمود.