بقلم جيني كيلي
برنامج حشد الشتات والأصدقاء المتضامنين من مؤسسة دالية، وبالشراكة وتنفيذ To Be There، ابتدأ في مقهى سينغر في بيت ساحور، مع جولة جيوسياسية (جغرافية وسياسية) بتنظيم بهاء الحلو، أحد مؤسسي To Be There. خلال احتساء القهوة، وعلى طاولة ممتلئة بالخرائط، قام بهاء بالشرح بالتفاصيل عن أنظمة القمع الأربعة في فلسطين: من الحصار على قطاع غزة، إلى تجزئة الضفة الغربية، والتفرقة في القدس الشرقية، إلى الملاحقات اتجاه فلسطينيي ال٤٨. شكلت هذه التفاصيل حجر الأساس لما سيرونه المشاركون خلال العشرة أيام المقبلة.
بعدها، أخذ بهاء المجموعة المشاركة إلى مكان يمكنهم فيه رؤية طريق عسكري إسرائيلي يمر عبر الأراضي الفلسطينية. الفرق الشاسع بين المستوطنات المجاورة والقرى الفلسطينية كان واضحاً؛ فبيوت المستوطنين خالية من الخزانات على السطوح، لأنهم يضخون المياه من الأراضي الفلسطينية مباشرة لبيوتهم، كما أنهم يقومون ببيعها للفلسطينيين. كما أن المستوطنات محاطة بأشجار خضراء. (عند نشر هذا المقال فإن مدينة بيت ساحور ستكون في يومها ال ٣١ دون مياه).
توجهت المجموعة إلى مدينة بيت لحم، حيث لم يقتصر اليوم على زيارة كنيسة المهد وسماع تاريخ البلاد حسب الكتاب المقدس، بل تتضمن أمور أخرى، حيث قامت المجموعة بالمشي بمحاذاة جدار الفصل العنصري، مستمعين إلى تفاصيل حول بناءه، وامتداده، وكيف أن هذا الجدار يفصل الفلسطينيين عن بعضهم البعض وعن قراهم ومدنهم. وكيف يجبر هم للوقوف ساعات طويلة على الحواجز من أجل دخول مدينة القدس، والتصاريح بأيديهم، والتي يتفقدها الجنود الإسرائيليون ويقررون عنهم إن كانوا سيمرون أم لا. بينما كافح بعض السياح للاعتراف بأن الولايات المتحدة، أيضًا، تشترك مع إسرائيل في وجود نظام استعماري يستمر في تشريد السكان الأصليين عن أرضهم، إلا أن هذه النقطة ترددت مع الآخرين، وطالبتهم بالتأمل في الممارسة الاستعمارية في بلدهم - وليس التفكير فقط في تمويل عنف النظام الإسرائيلي تجاه الفلسطينيين.
ثم أكملوا جولتهم في مخيم عايدة للاجئين، وشاهدوا كيف يقوم الجيش الإسرائيلي باقتحامه دورياً. توقفوا عند متجر التذكارات الجديد، وهم يتأملون بالاكسسوارات المصنوعة من بقايا قنابل الغاز التي تم إطلاقها في المخيم. لم يتوقفوا عن الأسئلة، واستطاعوا أن يلتفتوا لأوجه التشابه في مواقع أخرى من ناحية العنف العسكري.
في النهاية عادوا إلى الفندق محاولين أن يستوعبوا كل ما رأوه في اليوم. بعدها، قام البعض منهم بمشاهدة كأس كرة القدم للنساء في مقهى في بيت ساحور وهم يهتفون ويشجعون بحماس.
في اليوم الثالث، ابتدأ البرنامج في مطلّة يمكنهم من خلالها رؤية مدينة القدس، حيث شرح لهم بهاء الحلو بأنه لا يستطيع دخول تلك المدينة كونه من الضفة الغربية، على عكس السياح الذين يُتاح لهم الدخول دون أي مشاكل. كانت هناك مجموعة من فتيات فلسطينيات يأخذن صور "سيلفي" مع مدينة القدس كخلفية التي هن محرومات منها. في نفس الوقت، كانت هناك مجموعة سياحية أخرى تقوم بتصوير راعي أغنام مع قطيعه، بينما مجموعة برنامج الشتات والأصدقاء المتضامنين أخذوا يتأملوا بكل ما يشهدونه.
أكمل الباص طريقه إلى مدينة رام الله، للقاء مع مؤسسة دالية المجتمعية. وقامت رشا صنصور، مسؤولة الاتصالات وحشد المصادر بتعريف المؤسسة والمبادرات المختلفة فيها، مثل مبادرة دكّان لبيع الأغراض المستعملة، والحديقة المجتمعية، وقامت رهف الرفاعي مسؤولة برنامج الساحة مع المشاركون بالتقاط أوراق الخس، حيث تناولوه مع الشاي والقهوة، بينما أكملت رشا الشرح عن برامج دالية المجتمعية المختلفة، وعن العطاء المجتمعي، وضرورة أن يتحكم الشعب الفلسطيني بمصادره. كان المشاركون مهتمون جداً بعمل المؤسسة وخططتها للمستقبل.
واصلت المجموعة برنامجها لليوم في زيارة إلى متحف ياسر عرفات متشربين تاريخ تشريد الشعب الفلسطيني المستمر، وعن حركات التحرير الفلسطينية ومحاولاتها التمسك بالأرض. ساروا في أروقة المتحف ببطء وهم يشاهدون ويستمعون إلى الدليل الصوتي المفصل، من وعد بلفور إلى الحصار على الرئيس ياسر عرفات في المقاطعة. خرجوا بأسئلة كثيرة حول هذا الصراع الذي لم يعرفوا عنه إلا قليلاً.
انتقلت المجموعة بعد ذلك إلى متحف دار زهران للتراث، حيث زاروا بيت تراثي يبلغ عمره أكثر من 250 عامًا، علما بأن هذا المنزل كان جزءًا من عائلة دار زهران جغب ، والذي دعاهم لتصفح الصور القديمة بالأبيض والأسود عن البيت ، وهم يتناولون الشاي ثم زاروا متجر الهدايا أعلاه ومعرض الفنون أدناه. بعدها التقوا مع عايشة منصور، المديرة التنفيذية السابقة لمؤسسة دالية، والتي دعتهم لتناول البوظة في محل "بلدنا"، والتي أقسمت - ووافقت عليها المجموعة – بأنها أفضل من منافسها الشهير بوظة ركب.
في رابع يوم من الجولة، تعرف المشاركون على علاء الحلو، من ورشة ريزاين للتصميم، والذي اصطحبهم إلى جمعية تعاونية نسوية في قرية الولجة، والذين يتجاوبون مع العنف المستمر من تشييد الجدار على أراضيهم، وسرقتها لصالح بناء مستوطنة جديدة، بالإضافة إلى الحاجز رقم ٣٠٠.
تعرفوا على ورشة الولجة لإعادة التصميم، حيث يقمن النساء بإعادة استخدام قطع الخشب إلى تحف فنية، وطاولات، وكراسٍ، كما أنهم يعملون على إعادة سيادتهم على الإنتاج الغذائي، عن طريق العودة إلى نظم الحدائق المجتمعية (بدعم من المجتمع) مثل أيام الانتفاضة الأولى.
بعدها أكملت المجموعة يومها في قرية بتّير، حيث تعلموا عن تنظيم سكان القرية بإدراج بلدتهم على لائحة التراث العالمي في اليونسكو، وتمعنوا في القنوات المائية القديمة التي تنقل المياه العذبة عبر الينابيع. بعد المشي من بتير إلى بيت جالا، شاهدت المجموعة الأراضي الزراعية المدرجة بسلاسل(سناسل)، والتي يدعمها نظام الري القديم، وتعلموا عن الكهوف والأساطير والحيوانات الصحراوية وأنظمة المياه والزراعة وأشجار الزيتون والصنوبر البرية.
في أخر أيام الجولة زار المشاركون مدينة القدس مع الدليلة السياحية الأرمنية آردا أغازاريان، والتي تحدثت عن تاريخ عائلتها- وتاريخ الشعب الأرمني في فلسطين. من خلال شرحها أثناء تجولهم في البلدة القديمة ، تكررت النقاط التي أثارها بهاء حلو في اليوم الأول: أنه مع التجزئة الذي سعى الاحتلال إلى ترسيخه في فلسطين ، ليس هناك ما هو ضروري أكثر من الاستماع ليس فقط للشعب الفلسطيني - كفئة واحدة ذات وضع مشترك واحد - ولكن بالنسبة لشعب فلسطين بكل فئاته ، من الحي الأرمني ، إلى القدس الكبرى (الغربية والشرقية) ، إلى الضفة الغربية ، إلى غزة ، إلى 1948 ، إلى المنفيين في الشتات ، وإلى كل الشعوب الذين يتشاركون بتاريخ الصراع والقهر والكفاح.
جينيفر كيلي أستاذة في الدراسات النسوية والدراسات الحرجة والعرقية بجامعة كاليفورنيا بسانتا كروز. وهي تستكمل حاليًا مخطوطة كتابها "دعوة للشهود: السياحة التضامنية في فلسطين المحتلة" ، وهي دراسة إثنوغرافية متعددة الجوانب عن السياحة التضامنية في فلسطين مستمدة من الأبحاث التي أكملتها في عام 2012-2013 و 2019-2020 ، مركز الأبحاث الفلسطيني الأمريكي زميل.
الصور من قبل الكاتبة ومؤسسة دالية.